كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال الشافعي في كتابه الكبيرة أيضًا، رواه الربيع: ولا يكون الكافر وليًا لمسلمة وإن كانت ابنته، قد زوج ابن سعيد بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان، وأبو سفيان حي، لأنها كانت مسلمة وابن سعيد مسلم، ولا أعلم مسلمًا أقرب لها منه، ولم يكن لأبي سفيان فيها ولاية، لأن الله قطع الولاية بين المسلمين والمشركين، والمواريث والعقل وغير ذلك، وابن سعيد هذا الذي ذكره الشافعي هو خالد بن سعيد بن العاص، ذكره ابن إسحاق، وغيره، وذكر عروة والزهري أن عثمان بن عفان هو الذي ولي نكاحها، وكلاهما ابن عم أبيها، لأن عثمان هو ابن عفان بن أبي العاص بن أمية، وخالد هو ابن سعيد بن أمية، وأبو سفيان هو ابن حرب بن أمية.
والمقصود أن أئمة الفقه والسير ذكروا أن نكاحها كان بأرض الحبشة، وهذا يبطل وهم من توهم أنه تأخر إلى بعد الفتح اغترارًا منه بحديث عكرمة بن عمار.
الثالث: أن عكرمة بن عمار راوي حديث ابن عباس هذا قد ضعفه كثير من أئمة الحديث، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، قال ليست أحاديثه بصحاح. وقال الإمام أحمد: أحاديثه ضعاف. وقال أبو حاتم: عكرمة هذا صدوق، وربما وهم، وربما دلس. وإذا كان هذا حال عكرمة فلعله دلس هذا الحديث عن غير حافظ أو غير ثقة فإن مسلمًا في صحيحه: رواه عن عباس بن عبد العظيم، عن النضر بن محمد، عن عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن ابن عباس بن عبد العظيم، عن النضر بن محمد، عن عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن ابن عباس، وهكذا معنعنًا. ولكن قد رواه الطبراني في معجمه، فقال: حدثنا محمد بن محمد الجذوعي، حدثنا العباس بن عبد العظيم، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني ابن عباس، فذكره.
وقال أبو الفرج بن الجوزي في هذا الحديث: هو وهم من بعض الرواة، لا شك فيه ولا تردد، وقد اتهموا به عكرمة بن عمار راوي الحديث، قال: وإنما قلنا إن هذا وهم لأن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن حجش، وولدت له وهاجر بها، وهما مسلمان إلى أرض الحبشة، ثم تنصر، وثبتت أم حبيبة على دينها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوجه إياها وأصدقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم، وذلك في سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة فدخل عليها فثنت بساط رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يجلس عليه، ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمانً ولا يعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا سفيان. آخر كلامه.
وقال أبو محمد بن حزم: هذا حديث موضوع لا شك في وضعه، والآفة فيه من عكرمة بن عمار، ولم يختلف في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها قبل الفتح بدهر، وأبوها كافر.
فإن قيل: لم ينفرد عكرمة بن عمار بهذا الحديث، بل قد توبع عليه فقال الطبراني في معجمه: حدثنا على بن سعيد الرازي، حدثنا محمد بن حليف بن مرسال الخثعمي، قال: حدثني عمي إسماعيل بن مرسال، عن أبي زميل الحنفي، قال: حدثني ابن عباس، قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يفاتحونه فقال: يا رسول الله، ثلاث أعطيهن. الحديث.
فهذا إسماعيل بن مرسال قد رواه عن أبي زميل، كما رواه عنه عكرمة بن عمار، فبرىء عكرمة من عهدة التفرد.
قيل: هذه المتابعة لا تفيده قوة، فإن هؤلاء مجاهيل لا يعرفون بنقل العلم، ولا هم ممن يحتج بهم، فضلًا عن أن تقدم روايتهم على النقل المستفيض المعلوم عند خاصة أهل العلم وعامتهم، فهذه المتابعة إن لم تزده وهنًا لم تزده قوة، وبالله التوفيق.
وقالت طائفة منهم البيهقي والمنذري رحمهما الله تعالى: يحتمل أن تكون مسألة أبي سفيان النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أم حبيبة وقعت في بعض خرجاته إلى المدينة، وهو كافر، حين سمع نعي زوج أم حبيبة بأرض الحبشة، والمسألة الثانية والثالثة وقعتا بعد إسلامه، فجمعهما الراوي. وهذا أيضًا ضعيف جدًا، فإن أبا سفيان إنما قدم المدينة آمنًا بعد الهجرة في زمن الهدنة قبيل الفتح، وكانت أم حبيبة إذ ذاك من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقدم أبو سفيان قبل ذلك إلا مع الأحزاب عام الخندق، ولولا الهدنة والصلح الذي كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يقدم المدينة، حتى قدم وزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة؟ فهذا غلط ظاهر.
وأيضًا فإنه لا يصح أن يكون تزويجه إياها في حال كفره، إذ لا ولاية له عليها، ولا تأخر ذلك إلى بعد إسلامه، لما تقدم، فعلى التقديرين لا يصح قوله: أزوجك أم حبيبة.
وأيضًا فإن ظاهر الحديث يدل على أن المسائل الثلاثة وقعت منه في وقت واحد، وأنه قال: ثلاث أعطنيهن.. الحديث، ومعلوم أن سؤاله تأميره واتخاذ معاوية كاتبًا إنما يتصور بعد إسلامه، فكيف يقال بل سأل بعض ذلك في حال كفره وبعضه هو مسلم؟ وسياق الحديث يرده.
وقالت طائفة: بل يمكن حمل الحديث على محمل صحيح يخرج به عن كونه موضوعًا، إذ القول بأن في صحيح مسلم حديثًا موضوعًا مما ليس يسهل، قال: ووجهه أن يكون معنى أزوجكها أرضى بزواجك بها، فإنه كان على رغم مني، وبدون اختياري، وإن كان نكاحك صحيحًا، لكن هذا أجمل وأحسن وأكمل لما فيه من تأليف القلوب، قال: وتكون إجابة النبي صلى الله عليه وسلم بنعم كانت تأنيسًا له، ثم أخبره بعد بصحة العقد فإنه لا يشترط رضاك ولا ولاية عليها، لاختلاف دينكما حالة العقد. قال: وهذا مما لا يمكن دفع احتماله، وهذا مما لا يقوى أيضًا.
ولا يخفى شدة بعد هذا التأويل من اللفظ، وعدم فهمه منه فإن قوله: عندي أجمل العرب أزوجكها. لا يفهم منه أحد أن زوجتك التي هي في عصمة نكاحك، أرضى زواجك بها. ولا يطابق هذا المعنى أن يقول له النبي: نعم فإنه إنما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أمرًا تكون الإجابة إليه من جهته صلى الله عليه وسلم، فأما رضاه بزواجه بها فأمر قائم بقلبه هو، فكيف يطلبه من النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو قيل: طلب منه أن يقره على نكاحه إياها وسمى إقراره نكاحًا. لكان مع فساده أقرب إلى اللفظ، وكل هذه تأويلات مستنكرات في غاية المنافرة للفظ ولمقصود الكلام.
وقالت طائفة: كان أبو سفيان يخرج إلى المدينة كثيرًا فيحتمل أن يكون جاءها وهو كافر أو بعد إسلامه حين كان النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرًا واعتزلهن، فتوهم أن ذلك الإيلاء طلاق كما توهمه عمر رضي الله عنه، فظن وقوع الفرقة به، فقال هذا القول للنبي صلى الله عليه وسلم متعطفًا له ومتعرضًا لعله يراجعها، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بنعم، على تقدير: إن امتد الإيلاء أو وقع طلاق، فلم يقع شيء من ذلك.
وهذا أيضًا في الضعف من جنس ما قبله، ولا يخفى أن قوله: عندي أجمل العرب وأحسنه أزوجك إياها. أنه لا يفهم منه ما ذكر من شأن الإيلاء ووقوع الفرقة به، ولا يصح أن يجاب بنعم، ولا كان أبو سفيان حاضرًا وقت الإيلاء أصلًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزل في مشربة له حلف أن لا يدخل على نسائه شهرًا، وجاء عمر بن الخطاب فاستأذن عليه في الدخول مرارًا فأذن له في الثالث، فقال: أطلقت نساءك؟ فقال: لا فقال عمر:الله أكبر. واشتهر عند الناس أنه لم يطلق نساءه، وأين كان أبو سفيان حينئذ؟.
ورأيت للشيخ محب الدين الطبري كلامًا على هذا الحديث، قال في جملته: يحتمل أن يكون أبو سفيان قال ذلك كله قبل إسلامه بمدة تتقدم على تاريخ النكاح، كالمشترط ذلك في إسلامه، ويكون التقدير: ثلاث إن أسلمت تعطيهن: أم حبيبة أزوجكها، ومعاوية يسلم فيكون كاتبًا بين يديك، وتؤمرني بعد إسلامي فأقاتل الكفار، كما كنت أقاتل المسلمين.
وهذا باطل أيضًا من وجوه:
أحدها: قوله: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبو سفيان ولا يقاعدونه. فقال: يا نبي الله ثلاث أعطيهن. فيا سبحان الله! هذا يكون قد صدر منه وهو بمكة قبل الهجرة، أو بعد الهجرة، وهو يجمع الأحزاب لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو وقت قدومه المدينة وأم حبيبة عند النبي صلى الله عليه وسلم لا عنده؟ فما هذا التكلف البارد؟ وكيف يقول وهو كافر: حتى أقاتل المشركين كما كنت أقاتل المسلمين. وكيف ينكر جفوة المسلمين له وهو جاهد في قتالهم وحربهم وإطفاء نور الله، وهذه قصة إسلام أبي سفيان معروفة لا اشتراط فيها ولا تعرض لشيء من هذا.
وبالجملة فهذه الوجوه وأمثالها مما يعلم بطلانها واستكراهها وغثاثتها، ولا تفيد الناظر فيها علمًا، بل النظر فيها والتعرض لإبطالها من منارات العلم، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
فالصواب أن الحديث غير محفوظ، بل وقع فيه تخليط، والله أعلم.
وهي التي أكرمت فراش رسول الله صلى الله تعالى وسلم أن يجلس عليه أبوها لما قدم المدينة، وقالت إنك مشرك. ومنعته من الجلوس عليه.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب. وكانت قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد. توفيت سنة اثنين وستين ودفنت بالبقيع، وهي آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم موتًا، وقيل: بل ميمونة.
ومن خصائصها: أن جبرائيل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهي عنده، فرأته في صورة دحية الكلبي، ففي صحيح مسلم: عن أبي عثمان، قال: أنبئت أن جبرائيل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة،قال: فجعل يتحدث، ثم قام، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: من هذا؟ قال قالت: هذا دحية الكلبي قالت: أيم الله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وسلم يخبر بخبر جبرائيل أو كما قال. قال سليمان التيمي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا الحديث؟ قال؟ من أسامة بن زيد.
وزوجها ابنها عمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وردت طائفة ذلك: بأن ابنها لم يكن له من السن حينئذ ما يعقل به التزويج.
ورد الإمام أحمد ذلك وأنكر على من قاله، ويدل على صحة قوله ما روى مسلم في صحيحه: أن عمر بن أبي سلمة ابنها سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم، فقال: سل هذه؟، يعني أم سلمة، فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. فقال: لسنا كرسول الله صلى الله عليه وسلم يحل لرسوله ما شاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أتقاكم لله وأعلمكم به» أو كما قال. ومثل هذا لا يقال لصغير جدًا، وعمر ولد بأرض الحبشة قبل الهجرة.
وقال البيهقي: وقول من زعم أنه كان صغيرًا دعوى، ولم يثبت صغره بإسناد صحيح.
وقول من زعم أنه زوجها بالبنوة مقابل بقول من قال: إنه زوجها بأنه كان من بني أعمامها، ولم يكن لها ولي هو أقرب منه إليها، لأنه عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأم سلمة: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وقد قيل: إن الذي زوجها هو عمر بن الخطاب لا ابنها، لأن في غالب الروايات: قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعمر بن الخطاب هو كان الخاطب.
ورد هذا بأن في النسائي: فقالت لابنها عمر: قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأجاب شيخنا أبو الحجاج المزي الحافظ بأن الصحيح في هذا: قم يا عمر، فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما لفظ: ابنها فوقعت من بعض الرواة لأنه لما كان اسم ابنها عمر. وفي الحديث: قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظن الراوي أنه ابنها، وأكثر الروايات في المسند وغيره: قم يا عمر من غير ابنها قال: ويدل على ذلك أن ابنها عمر كان صغير السن، لأنه قد صح عنه أنه قال: كنت غلامًا في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا غلام سم الله،وكل بيمينك، وكل مما يليك»، وهذا يدل على صغر سنه حين كان ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش من بني خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وهي بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب، وكانت قبل عند مولاه زيد بن حارثة فطلقها فزوجها الله إياهن فوق سبع سماوات، وأنزل عليه:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}.
الأحزاب: من الآية 37، فقام فدخل عليها بلا استئذان. وكانت تفخر بذلك على سائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماواته. وهذا من خصائصها. توفيت بالمدينة سنة عشرين ودفنت بالبقيع.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة الهلالية، وكانت تحت عبد الله بن جحش، تزوجها سنة ثلاث من الهجرة، وكانت تسمى أم المساكين، لكثرة إطعامها المساكين، ولم تلبث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيرًا شهرين أو ثلاثة وتوفيت رضي الله عنها.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث، من بني المصطلق، وكانت سُبيت في غزوة بني المصطلق، فوقعت في سهم ثابت بن قيس، فكاتبها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوجها سنة ست من الهجرة، وتوفيت سنة ست وخمسين، وهي التي أعتق المسلمون بسببها مائة أهل بيت من الرقيق، وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك من بركتها على قومها.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي من ولد هارون بن عمران أخي موسى، سنة سبع، فإنها سبيت من خيبر، وكانت قبله تحت كنانة بن أبي الحقيق، فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفيت سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة خمسين.
ومن خصائصها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها، قال أنس: أمهرها نفسها. وصار ذلك سنة للأمة إلى يوم القيامة، يجوز للرجل أن يجعل عتق جاريته صداقها، وتصير زوجته، على منصوص الإمام أحمد.
قال الترمذي: حدثنا إسحاق بن منصور، وعبد بن حميد، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس، قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: صفية بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟، قالت: قالت لي حفصة: إني ابنة يهودي. فقال النبي: «إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي فبم تفخر عليك؟ ثم قال: اتق الله يا حفصة»، قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه وهذا من خصائصها رضي الله عنها.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث الهلالية تزوجها بسرف وبنى بها بسرف، وماتت بسرف، وهي على سبعة أميال من مكة، وهي آخر من تزوج من أمهات المؤمنين، وتوفيت سنة ثلاث وستين، وهي خالة عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما فإن أمه أم الفضل بنت الحارث وهي خالة خالد بن الوليد أيضًا، وهي التي اختلف في نكاح النبي صلى الله عليه وسلم هل نكحها حلالًا أو محرمًا؟ فالصحيح أنه تزوجها حلالًا، كما قال أبو رافع السفير في نكاحها، وقد بينت وجه غلط من قال نكحها محرمًا، وتقديم حديث من قال: تزوجها حلالًا من عشرة أوجه مذكورة في غير هذا الموضع.
فهؤلاء جملة من دخل بهن من النساء، وهن إحدى عشرة.
قال الحافظ أبو محمد المقدسي وغيره: وعقد على سبع ولم يدخل بهن.